تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تخص بالأساس المجال الاقتصادي وما يرتبط به مباشرة من قطاعات، علي أساس أن الاتحاد الأوروبي الذي انسحبت منه المملكة المتحدة هو إطار للتكامل الاقتصادي في المقام الأول، لكن هذا لا يمنع من متابعة ما قد ينجم عن هذا الخروج من تداعيات في المجالات الأخري. وسيتم البحث في التداعيات المحتملة علي ثلاثة أصعدة، هي الصعيد البريطاني، والصعيد الأوروبي، والصعيد الدولي.
وتنظر هذه الورقة إلي التداعيات (Les rpercussions) كتطور محتمل للأحداث، ورد الفعل عليها، قد يحسب له حساب، لكن لا يكون هو المقصود تحقيقه. وتهدف إلي تقدير ما قد ينجم من تطورات علي هامش مجريات الحدث الرئيسي المبتغي تحقيقه. ويتمثل الحدث الرئيسي في هذا الموضوع في فوز معسكر الخروج البريكست (Brexit) علي معسكر البقاء بنتيجة 51.9، مقابل 48.1 من أصوات المقترعين في الاستفتاء الشعبي الذي جري بتاريخ 23 يونيو 2016 بشأن انسحاب (Leave) أو بقاء (Remain) المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الأوروبي. فوز تقتضي الديمقراطية ترجمته إلي واقع.
ويحاول البحث في تداعيات "البريكست" بمنهج السيناريوهات المفترض أن يلمسها علي مرحلتين متتاليتين، مرحلة أولي تمتد من تاريخ الاستفتاء إلي سنتين علي الأقل تقدير، يسميها أغلبية المحللين مرحلة "الشكوك" (Periode d’incertitude)(1)، ويمكن أن يطلق عليها أيضا "مرحلة إجراءات الانسحاب".
وتمثل أول إجراءات هذه المرحلة في إجراء استفتاء الخروج الذي كان قد أعلن عنه الوزير الأول البريطاني ديفيد كاميرون في شهر فبراير 2016، ثم انتخاب وزير أول جديد "تيريزا ماي" علي أساس أن السابق قاد حملة معسكر "البقاء"، وفقد بذلك الشرعية الديمقراطية ليحرك الوزير الأول الجديد المادة 50 من معاهدة لشبونة 2009 بتسليم المجلس الأوروبي قرار الانسحاب ليمكن الشروع عندئذ في التفاوض علي أمرين رئيسيين، أولهما طرائق الانسحاب (les modalits de la sparation) ، وثانيهما العلاقات الجديدة بين لندن وبروكسل. ومن المنتظر أن تستغرق مدة التفاوض سنتين قابلة للتمديد بشكل استثنائي.