تقديم : د. وحيد عبدالمجيد - (القاهرة: مركز الأهرام للنشر، 2016).
عرض : أبوالفضل الإسناوي - سكرتير تحرير مجلة السياسة الدولية
يعرض هذا الكتاب رؤية الراحل الكبير د. بطرس بطرس غالي للسياسة الخارجية المصرية، والقضايا الإقليمية والدولية، من خلال مجموعة منتقاة من كتاباته في مجلة "السياسة الدولية" التي أسسها عام 1965، وكتب افتتاحيتها منذ عددها الأول الصادر في أبريل من العام نفسه، وحتى ترك رئاسة تحريرها، عند توليه الأمانة العامة للأمم المتحدة في يناير عام 1992.
السياسة الخارجية المصرية:
في هذا الشأن، يحلل د. غالي ملامح فلسفة الرئيس جمال عبدالناصر في قضيتي عروبة مصر، والقومية العربية، وكيف جعل إفريقية مصر أمرا واقعيا، وليس مجرد شعار يتردد، ودوره في تحرير الشعوب المستضعفة. كما يعالج في مقالة أخري أبعاد الدبلوماسية المصرية تجاه قضية السلام، سواء على المستوي العربي، أو على الصعيد الدولي، بعد زيارة الرئيس السادات إلى القدس. ويتناول في مقالة ثالثة السياسة الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد الرئيس السادات، والتي رأي أنها كانت تتسم بالحرص على الابتعاد عن أي نوع من المغامرات السياسية والعسكرية. وعرض استراتيجية الدبلوماسية المصرية في القارة الإفريقية في بداية عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، شارحا المحاور الرئيسية التي ارتكزت عليها. واستكمل الكاتب في مقالة أخري رؤيته عن السياسة الخارجية المصرية، متطرقا إلى الدائرة النيلية، محددا مجموعة من الآليات التي يجب أن تتبعها الدولة المصرية للحفاظ على حقها الطبيعي في مياه النيل للأجيال القادمة. ويشمل هذا القسم من الكتاب مقالات عن رؤيته لدور الدبلوماسية المصرية على الصعيد الكوني، والعلاقات مع الغرب، ومع الدول الآسيوية، والتجمعات الدولية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وحركة عدم الانحياز.
الصراع العربي - الإسرائيلي والقضية الفلسطينية:
يحلل د. غالي في عدة مقالات تطور الصراع منذ دخول القوات الصهيونية إلى شبه جزيرة سيناء في حماية العدوان الفرنسي - البريطاني عام 1956، متناولا الأسباب التي أدت إلى انسحابهما تحت ضغط الأمم المتحدة وبعض دولها. ويتطرق إلى الأزمة التي تصاعدت في منتصف مايو 1967، مشيرا إلى ثلاث قضايا مهمة، هي: قضية الطوارئ، وقضية خليج العقبة، وقضية العدوان الإسرائيلي حتى صدور قرار وقف إطلاق النار في (8 يونيو 1967)، محللا الاستراتيجية الإسرائيلية، وطرق تخطيطها، والعوامل المؤثرة في اختيار أساليبها.
كما تناول القضايا الأساسية في تسوية أزمة الشرق الأوسط، والجهود الدبلوماسية التي بذلت في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي بين يونيو 1967 وفبراير .1971 ويقدم ملفا وافيا عن حرب 1973، متحدثا عن الرؤية المستقبلية للعلاقات التي يمكن أن تقوم بين العرب وإسرائيل، متطرقا إلى مبادرة السلام وما ركزت عليه مفاوضات السلام، وحدود نجاح الدبلوماسية المصرية في ذلك، ثم مباحثات الحكم الذاتي الفلسطيني، ومستقبل السلام.
القضايا العربية:
يحوي هذا القسم عدة مقالات تتناول مجموعة من القضايا العربية المهمة، مثل الأطروحات التي قدمت لتطوير الجامعة العربية قبل 1966، ومشكلة العمل العربي المشترك، بعد هزيمة 1967، والإصلاحات اللازمة لتدعيم الجامعة العربية، ودفع هذا العمل العربي إلى الأمام. كما يتناول في مقالة أخري قضية العضوية في جامعة الدول العربية، والتطورات التي لحقت بعملية التصويت داخل مجلسها بشأن قبول الدول العربية التي ترغب في الانضمام. ويناقش في إحدى المقالات مشكلة الحدود العراقية - الإيرانية، وطرق تسوية المنازعات بين العراق وإيران، والوضع القانوني للنزاع الناشئ عن تطبيق معاهدة 1937، والصعوبات التي كانت تعترض وحدة وتكامل أجزاء الخليج العربي. كما يتضمن هذا القسم مقالات عن الحرب الأهلية في لبنان، وأسبابها، والنتائج التي ترتبت عليها، والأوضاع الناجمة عن حرب الخليج، والمشاكل التي واجهت المنطقة، والأوضاع الدولية والإقليمية والعربية بعدها، وأزمة الموقف العربي في الصراع مع إسرائيل، ومؤشراتها الكمية والكيفية، وأزمة التضامن العربي - الإفريقي، وخلفيتها التاريخية والعرقية.
القضايا الإفريقية:
يتضمن هذا القسم مقالات تتناول المنازعات الإفريقية، ومشكلات الحدود بين دول القارة ومصادرها، ومقومات تسويتها بالطرق السلمية. ويشمل حالات لهذه المنازعات، مثل الاشتباك المسلح بين المغرب والجزائر، ثم النزاع الإثيوبي، والنزاع الكيني - الصومالي، ودور منظمة الوحدة الإفريقية في العمل على فض المنازعات. وتتطرق بعض المقالات إلى مسارات التضامن الإفريقي - الآسيوي، بعد انعقاد الدورة الثانية للمؤتمر الإفريقي - الآسيوي في يونيو 1965 بالجزائر، وإلى أزمة التعاون العربي - الإفريقي، والأسباب التي أدت إلى زيادة الفجوة بين العالم العربي والعالم الإفريقي، مثل اتجاه دول إفريقية إلى إعادة العلاقة مع إسرائيل، دون النظر إلى استمرار إهدار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، واستمرار الاحتلال. ومن أهم مقالات هذا القسم تلك التي تتناول قضية إدارة المياه في وادي النيل، ومزايا التعاون الإقليمي في إدارة المياه، وأسس التعاون الإقليمي وشبه الإقليمي من أجل التغلب على مشكلات المياه والأمن القومي.
الأمم المتحدة والمنظمات الدولية:
تتضمن مقالات هذا القسم تحليلا للأزمة متعددة الجوانب التي تعرضت لها الأمم المتحدة، والشلل الذي أصيبت به في الستينيات، وتحديد جوانبها المالية، والإدارية، والفنية، والأزمة السياسية بين الدول الكبرى التي تعتز بما لها من امتيازات في مجلس الأمن، ونفوذ سياسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأزمة الانسحاب من المنظمة التي بدأتها إندونيسيا بخروجها عن التنظيم الدولي. كما يتطرق التحليل إلى جهود الأمم المتحدة لنزع السلاح، واحتوائها للصراعات، ومناهضة العنصرية في جنوب إفريقيا، وكيفية الإصلاح الداخلي للمنظمة، ومنظوماتها الأوسع من الوكالات المتخصصة، وتحديد الدور الجديد للأمين العام في عالم ما بعد الحرب الباردة.
النظام العالمي:
نجد في هذا القسم معالجة عميقة للقواعد والأصول الاستراتيجية في العصر النووي، وملامح سياسة عدم الانحياز بعد التصالح الأمريكي - السوفيتي، وبعض القضايا الكبري التي تعرضت لها دول عدم الانحياز، فضلا عن تحليل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الاتحاد السوفيتي 1952 1959، وكذلك الاستراتيجية الأمريكية في عهد كارتر، والتغييرات التي حدثت تجاه الشرق الأوسط. كما نجد تصورا افتراضيا لشكل العلاقة بين الدول الغنية والفقيرة، وما يمكن أن تؤدي إليه المصالحة بين القطبين الأعظم، ومدي التهميش في الأهمية السياسية والاقتصادية للقارة الإفريقية.
قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية:
أما فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وقضايا الديمقراطية، فكان اهتمام د. بطرس غالي بهذه القضايا مبكرا. وفي هذا القسم مقالات تتناول أوجه الضعف الأساسية في المجال التطبيقي لحقوق الإنسان في سائر بلاد العالم، وماهية هذه الحقوق بأنواعها المختلفة، وكيفية تعامل الدول حديثة العهد بالاستقلال معها، وكذلك الآليات والهياكل الملائمة لضمان تحقيق حقوق الإنسان وفاعليتها على المستوي الوطني أو الدولي. كما نجد إجابة د. غالي على سؤال لم يزل مطروحا عن العلاقة بين التنمية والتمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية من ناحية، واحترام الحقوق المدنية والسياسية من ناحية أخري. وفي هذا السياق، يري د. غالي أن حقوق الإنسان وثيقة الصلة بطريقة حكم الدول لشعوبها، ومدي ديمقراطية النظام السياسي. ويؤكد أنه لم يعد من الممكن فصل الديمقراطية عن حقوق الإنسان، بل يعدّ الديمقراطية بمنزلة المشروع السياسي الذي يندرج تحته ضمان حقوق الإنسان وحمايتها.